كان يعقوب صروف مطبوعا على حب البحث والتدقيق شأن العلماء، يقضي الساعات الطويلة في المكتبات لدرس المسائل العلمية والنظريات الفلسفية والتاريخية. وكان واسع الإطلاع على المذاهب العلمية والنزعات الفلسفية وأحداث التاريخ ورجاله، متقنا لأهم اللغات القديمة والعصرية.
وقد بسط يعقوب صروف في مقالاته العلمية التي كان ينشرها في كل عدد من المقتطف -وقد جمعت بعدئذ في كتب – اختبارات العلماء الغربيين في مختلف القضايا العلمية بأسلوب له صبغته العلمية من غير أن يكون جافا. وكان إلى ذلك يثبت في مقالاته هذه الكثير من ملاحظاته الشخصية ومن اختياراته الخاصة في الموضوع المطروق، مما يضاعف قيمته.
وقد فتح للرياضيات بابا في مجلته تطارح فيه رجال العلم المباحث العويصة وتسابقوا على حلها سواء أكانت في الحساب أم في الجبر أم في الهندسة أم في غيرها. وكان يعقوب صروف الحكم المرجع.
وقد وضع كتابا في بسائط علم الفلك ظهر فيه علمه وإطلاعه الواسع في ذلك العلم، كما أنه عالج في مجلته موضوعات شتّى في النظام الشمسي والسيارات والثوابت والسفع الشمسية والمذنبات وما إلى ذلك. وغنه وغن لم يدرك شأو العبقريين في هذا العلم، فقد بلغ فيه شؤوا عظيما، وكان بعيد الغور، واضح البيان، سهل المأخذ.
أما الطبيعيات والكيمياء والفلسفة فقد كان صروف الصلة بين الشرق ورجالها بأوروبا فكتب عن جميع أساطينها وبسط الآراء الحديثة بسطا بين المعالم، واسع النطاق. وجالَ في العالمين القديم والحديث جولة اكتشاف قلّما جاراه فيها آخر من أبناء هذه البلاد. أما التاريخ فيعقوب صروف من رجاله الدين استقرؤوا الحفريات الأثرية ووصفوا عادياتها واقتبسوا أخبارها من مصادرها الأصلية، حتى إنك لتستطيع أن تستخرج من المقتطف كتبا في علم الآثار ولا سيما آثار مصر التي كان يعقوب صروف يطوف بنفسه ليشاهدها ويكتب عنها.
وقد تقصّى البحث أيضا في أصول الشعوب وفروعها وأنسابها وتواريخها وأخلاقها، معتمدا في كل ذلك أحدث الآراء، ناظرا في أقوال من سبقه نظر المحقق البصير. وهكذا كان يعقوب صروف من أبرز رجال النهضة العلمية الحديثة.